الوضع الفلسطيني الراهن  في مواجهة التحديات

تابعنا على:   13:33 2020-05-09

محمد جبر الريفي

أمد/ باتت الحاجة ماسة الآن أكثر من أي وقت مضى لإغلاق صفحة سوداء في تاريخ نضال الشعب الفلسطيني وذلك بالعمل على امتلاك الإرادة السياسية الفاعلة  لإنهاء الانقسام السياسي البغيض الذي طال امده ولم تفلح الاتفاقيات والمباحثات والحوارات التي تمت بوضع حداله ..اما  الحاجة ألماسة التي تفرض ذلك هي في  تشكل  تحديات خطيرة قادمة في الواقع السياسي الحاضر  ومن غير المقبول سياسيا على مستوى السلطة الوطنية و الفصائل والأحزاب والمنظمات الشعبية والنخب السياسية والفكرية الفلسطينية  الاستهانة بها  وأول هذه التحديات من حيث  الأهمية  كونه بشكل بالفعل  تحديا مصيريا يتعلق بمستقبل مصير المشروع الوطني الفلسطيني  هو   : تشكيل الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة القادمة حكومة الليكود بزعامة نتنياهو وحزب أزرق ابيض برئاسة جانتس وفي أولى مهماتها الشروع  بالتوسع على حساب مشروع الدولة الفلسطينية المستقلة  وذلك بالقيام بضم ما يقارب  ثلث مساحة  الضفة الغربية المحتلة  حيث  ان القيام بهذه الهجمة التوسعية والاستيطانية  الكبيرة  ستعمل على  تقويض ما تسمى بعملية السلام في الشرق الأوسط  التي قامت على أساس اتفاقية اوسلو ... لقد اعترفت منظمة التحرير الفلسطينية بدولة إسرائيل مقابل أن تفضي السلطة الوطنية  الفلسطينية بعد مرحلة انتقالية  إلى قيام دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من حزيران عام 67 ورغم انقضاء المدة بدون تحقيق هذا المطلب   السياسي  بسبب سياسة المماطلة والتعنت التي تمارسها الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة  إلا أن خيار المراهنة على  المفاوضات بالرعاية الأمريكية  ظل قائما على أمل أن يؤدي أحياؤها من جديد  بسبب ما يمكن أن تمارسه  الضغوط الدولية خاصة من قبل  الاتحاد الأوروبي  إلى التوصل إلى تسوية سياسية حسب  مشروع حل الدولتين الذي يحظى بإجماع دولي لكن صفقة القرن التي تم إعلانها بشكل رسمي من قبل الرئيس الأمريكي  ترامب قد شرعت الباب واسعا  لعدم  التقيد بحدود عام 67   وهو ما يجب أن يقابل من الطرف الفلسطيني   باتخاذ قررات حاسمة تعيد العلاقة بين منظمة التحرير الفلسطينية والكيان الصهيوني إلى مرحلة ماقبل اتفاقية  اوسلو  والاعتراف المتبادل  أي بعودة حالة الصراع مرة أخري  بين المشروع الوطني والمشروع الصهيوني على   قاعدة التناقض الرئيسي   . أما  ثاني التحديات التي تواجه الوضع الفلسطيني هو في  استمرار  تتابع إجراءات التطبيع مع الكيان الصهيوني و وصوله إلى مرحلة خطيرة قد تؤثر سلبيا على موقف قطاعات كبيرة من الجماهير العربية من القضية الفلسطينية ذلك أنه في حال استمرار  توظيف الفن الدرامي والإعلام في التطبيع وعدم اتخاذ إجراءات صارمة من قبل الحكومات العربية المعنية   فإن المسلمات التاريخية والدينية التي قامت علي أساسها عدالة  القضية الفلسطينية قد  تتراجع وذلك بما للفن الدرامي والإعلام من تأثير على تشكيل الرأي العام العالمي وعلى  العقلية السياسية العربية بالخصوص وهي   في غالبيتها عقلية  تعاني من تأثير الأمية الثقافية و العامل المزاجي    . .لقد جاء مسلسل (أم هارون) الذي أنتجته شركة الإنتاج الفني الإماراتية جرناس وقام بأدوار التمثيل فيه  فنانون من السعودية والكويت ..جاء  منحازا  للرواية اليهودية ليشكل تزويرا للتاريخ وتشويها للنضال الوطني كما أن استمرار تتابع أصوات بعض الإعلاميين الخليجيين المتحمسين للاعتراف بالكيان الصهيوني من خلال  الادعاء بشرعية وجوده هو عمل تحريضي يأتي  في اطار محاولة  الانفضاض عن القضية الفلسطينية وعدم تحمل اعبائها السياسية التي طالت .. اما ثالث التحديات هو  استمرار أزمة الكورونا التي وحدت العالم بأسره في مواجهة الفيروس المعدي القاتل العابر للحدود الوطنية والقارية  بحيث أصبح الميل للسلام والبعد عن المنازعات والمناكفات  والأقدام على ممارسة سياسة  التضامن والتكافل الاجتماعي  كل ذلك أصبح من المتغيرات  التي طرأت على المشهد السياسي العالمي ولا يجوز أن يبقى الوضع الداخلي الفلسطيني بمنأى عن هذا المتغير النوعي في صورة العلاقات السياسية ..إن أزمة الكورونا هي فرصة ذهبية للنظام السياسي الفلسطيني يجب أن ينتهزها القائمون على الحكم في كلتا المنطقتين   لإعادة وحدته التي مزقها الانقسام البغيض حتى يظهر أمام المحافل الدولية بأنه نظام سياسي وطني شرعي  واحد يمثل كافة  الشعب الفلسطيني في الضفة والقطاع  والشتات وما يطلب  من دول العالم في التقيد بتطبيق إجراءات الوقاية الصحية  كما يتم الإعلان عنها من قبل منظمة الصحةالعالمية تنطبق عليه بشكل موحد كما هو حال الدول في العالم أجمع   .. صحيح إن المرحلة الراهنة التي يمر بها الوضع الفلسطيني إلان  هي لا تزال مرحلة تحرر وطني بالدرجة الأولى وان المهمة المركزية هي ما زالت التخلص من الاحتلال ولكن الجديد فيها الآن التداخل العميق بين المهام الوطنية والاجتماعية  وغيرهما من القضايا المستجدة  الأمر الذي يملي ضرورة مواجهة  ما يطرأ من تحديات لها تأثيرها الخطير على مستقبل القضية الوطنية.

اخر الأخبار